ما الذي يضمن استمرارية الشركات الإعلامية في مصر؟
بعد الثورة المصرية عام 2011، ارتفعت نسبة استخدام الإنترنت والتفاعل على شبكات التواصل الاجتماعي، وزاد عدد رواد الأعمال الذين أطلقوا مشاريع إعلامية ريادية في مصر.
لكنّ إدارة مشروع إعلامي في مصر أمر صعب للغاية على رواد الأعمال. فالمستثمرون الإقليميون يخافون من الإعلام ولم يبدو اهتمامًا به إلا منذ فترة قصيرة.
ويقول فادي رمزي، المدير المحلي "إنتراكت مصر" Interact Egypt، وهو موقع يوزّع المحتوى الرقمي ويعمل مع شركات الاتصالات وغيرها: "يدرس عمالقة الإعلام الإقليمييون حالياً إمكانية الاستثمار في شركات المحتوى الناشئة، وهذا أمر ما كان يحدث منذ ثلاث أو أربع سنوات."
بدأت مجموعة من الشركات الناشئة وحاضنات الأعمال تهتمّ في المحتوى الرقمي، ومواقع التواصل الاجتماعي، والتسويق الإلكتروني، والوسائل الجديدة لنشر المحتوى المختص وتقديمه.
"جاراد" Garaad مثلاً تأسست في شهر أبريل/نيسان 2014، وهي حاضنة أعمال إعلامية تركز على دعم المشاريع المبتكرة وإطلاق مشاريع إعلامية بديلة.
يعلّق مصطفى زكريا، مؤسس "جاراد" ومديرها العام، على قراره بجعل القاهرة مقر الحاضنة، قائلاً: "ثمة مهارات هنا. أصبحت مصر بعد عام 2011 مكانًا مناسبًا للتعبير عن الأمور بشكل مختلف. فالناس يستكشفون أساليب جديدة للتعبير عن أنفسهم."
لا تزال معظم الشركات الناشئة الإعلامية في مصر والمنطقة في مرحلة التجربة، إذ ما زالت وسائل الإعلام التقليدية والشركات الراعية والإعلانات تحاول فهم واستيعاب الابتكار الرقمي والقنوات الجديدة والجمهور المتزايد.
وأضاف زكريا: "تطلق قواعد جديدة بينما نتحدث الآن،" مشيراً إلى أنّ نماذج جني العائدات والتوزيع والتكنولوجيا قد تغيّرت. وقد أضاف: "هذه فرصة عظيمة لنا لنضع نحن القواعد قبل أن تقوم [الشركات] بذلك."
على الرغم من الوضع السياسي الصعب وعدم اهتمام المستثمرين بمصر، تمكّن عدد كبير من الشركات الإعلامية الجديدة من تلقي الاستثمارات لمشاريع جديدة.
نجد مواقع إخبارية أكثر تقليدية أيضاً، مثل "إيجيبشن ستريتس [الشوارع المصرية]" Egyptian Streets و"مدى مصر" ، اللذين ينشران أخبارًا على الإنترنت باللغة الإنجليزية، وقد تمّ إطلاقهما عام 2013.
تلقى "مدى مصر" منذ تأسيسه على منح مقدمة من منظمات المصرية ودولية تدعم وسائل الإعلام المستقلة. غير أنها تبتعد حالياً عن نموذج المنح وقد وضعت خطة عمل لتضمن استمراريتها ويكون لها مصادر دخل عدة.
خلال أول سنة، زار موقع "مدى مصر" 300 ألف شخص في الشهر، لكنّ اعتماد خطة عمل مستدامة يبقى صعبًا بالنسبة إلى فريق التحرير. وقد شهد الصحافيون العاملون في الموقع على إغلاق عدة منشورات مطبوعة وإلكترونية في السنوات الأخيرة.
وقالت أميرة صلاح أحمد، نائب مدير التحرير في "مدى مصر": " نجري محادثات مع مستثمرين [محتملين]. نأمل أن ننجح في الاستمرار من خلال نموذج عمل منوّع."
يخاف المستثمرون، في المنطقة وخارجها، من الاستثمار في المحتوى وحده، ويرون إمكانية أكبر في الإعلان وإشراك وسائل التواصل الاجتماعي.
وقد صرّح أحمد حسن، مدير الإنتاج في "فايف دي" 5D وهي شركة خدمات إعلامية رقمية في القاهرة تمّ إطلاقها في ديسمبر / كانون الأول 2012: "انطلقت وسائل التواصل الاجتماعي بعد الثورة؛ وعندها بدأت تسوّق الشركات عليها أكثر فأكثر."
البيئة الحاضنة المصرية لا تزال صعبة ومليئة بالتحديات، وما زال البعض يفضلون التخفيف من المخاطر ونقل الشركات الناشئة الإعلامية إلى بيئات أكثر استقرارًا.
في مايو / أيار 2014، قامت مسرعة النمو "فلات6لابز" في القاهرة والتابعة لـ"سواري فنتشرز" Sawari Ventures، بإطلاق حاضنة أعمال جديدة في أبوظبي متخصصة بالإعلام الرقمي، بالتعاون مع شركة "تو فور 54" twofour54 التي هي جزء من هيئة المنطقة الإعلامية الحرة في أبوظبي.
ستدعم مسرعة النمو الجديدة الشركات التي تنشر محتوى رقمي، وتبيع على الإنترنت وتنتج الفيديو وتطبيقات الهواتف المحمولة. وستسعى وفقاً لموقعها الإلكتروني إلى إطلاق أكثر من 80 شركةً خلال السنوات الأربعة المقبلة.
قالت نورا الكعبي، الرئيسة التنفيذية لـ"تو فور 54" في بيانٍ: "تقوم كلّ من "تو فور 54" و"فلات6لابز" بتطوير مهارات الأشخاص في الإمارات ومنطقة الشرق الأوسط بأكملها. ونريد القيام بالمزيد من ذلك وإعطاء فرصة للنموّ والازدهار بدعم من فلات6لابز".
في حين أنه ما من نقص في الأفكار، يبقى التحدي الأكبر الذي يواجهه كلّ رواد الأعمال في قطاع الإعلام هو تلقي الاستثمار.
وقد قال عبد الرحمن وهبة، مؤسس "إقرأ لي" ، وهي منصة أخبار صوتية في القاهرة تروي الأخبار عبر تطبيق للهواتف المحمولة: "المستثمرون [في المنطقة] متحفظون نسبياً. فهم يهتمون بالأمور التي تجني المال بسرعة. وسائل الإعلام لا يهتمون بذلك بداية لأنه عليها جذب نسبة معينة من الزيارات أولاً."
"إقرأ لي" من الشركات الناشئة المحظوظة؛ فهي تلقت الاستثمار مرتين منذ إطلاقها في يناير / كانون الثاني 2013.
وقد صرّح رمزي، مردّداً ما قاله زكريا: "نجد الكثير من المواهب والأفكار لإنتاج المحتوى، لكن ما ينقصنا هو معرفة كيف نطلق مشروعًا تجاريًّا وجعله مربحًا."