هل يريد فايسبوك التفوّق على جوجل من خلال استحواذه على واتسب؟
يوم الأربعاء، أحدث خبر استحواذ فايسبوك على "واتسب" مقابل 19 مليار دولار ضجة كبيرة في وسائل الإعلام وعلى الويب. فبعد 10 أيام من المناقشات مع فايسبوك، أصبح مطوّر "واتسب" الأوكراني، جان كوم، صاحب ثروة تبلغ 6.8 مليار دولار بين ليلة وضحاها.
وعندما يُذكر كوم في الأوساط الإعلامية، غالبًا ما يتحدث الكُتّاب عن شخصيته المميزة المختلفة. فهو لا يحبّ الألقاب ولا العبارات المبتذلة، على عكس مارك زوكربرغ الذي قال مرّة أنّ مهمة فايسبوك الجديدة تسعى إلى "جعل العالم أكثر انفتاحًا واتصالاً".
بالرغم من البلبلة الكبيرة حول صفقة الاستحواذ التي قد تكون الأضخم في تاريخ الصفقات التكنولوجية، لا يبدو كوم آبهًا للضجة الكبيرة حوله. فهو يغرد أموراً مثل "إذا أطلقت شركة ناشئة فقط ليتحدث موقع تيك كرانش TechCrunch عنك فأنت تقوم بالأمر بشكل خاطئ. أو "الشخص الذي سيصفني بأني رائد أعمال سأجعل حارسي الشخصي يصفعه"، بحسب تيم برادشاو في فايننشل تايمز.
والجدير بالذكر أن قيمة واتسب تتخطى قيمة "سوني"، Gap وWhole Food.
يقول البعض إن فايسبوك عرض سعرًا خياليًّا على "واتسب" كي يستفيد من شعبية الـ "واتسب" الكبيرة في الأسواق الناشئة ويعزّز دوره فيها. وسبب آخر هو أنّ كافة عائدات فايسبوك تأتي من المحمول و"واتسب" هو تطبيق للمحمول. غير أن ساره لايسي من "باندو" Pando، تشير إلى أنّ الشبكة الاجتماعية لا تريد استهداف المراهقين الذين لا يحبون فايسبوك، ولا حتى جميع المستخدمين في العالم. هي تقول إنّ "فايسبوك" يسعى من خلال الصفقة إلى التركيز على الصور. يوميًّا، يتم مشاركة 500 مليون صورة على "واتساب"، و"فايسبوك" يريد أن يكون رائدًا في مشاركة الصور.
قد يكون السبب أيضًا أنّ فايسبوك يسعى إلى القيام بما يقوم به أكبر منافسيه، جوجل.
ويقول عبد آغا، مؤسس "فاين لاب" Vinelab، وهي وكالة لإدارة المواهب والخدمات الترفيهية مقرها دبي ولها مكاتب في بيروت، إنّ "فايسبوك يريد أن يملك كل شيء". ويوضح أن جوجل لديه الخدمات ويحاول بناء رسمه البياني الاجتماعي. وفايسبوك يحتاج إلى توسيع خدماته كي يتمكن من المنافسة على مخزون جوجل آد Google Ad". ويشير إلى أنه من خلال ملء مساحة المحتوى بمواد صحافية وتهافُت الشركات على قسمي الصور والرسائل، يبني فايسبوك امبراطورية يمكنها أن تنافس جوجل على سعة انتشاره.
ونقل موقع "تيك كرانش" عن زوكربرغ قوله إن فايسبوك سيحافظ على "واتساب" كخدمة خالية من الإعلانات على الأقل في السنوات القليلة المقبلة، فيما يواصل تركيزه على منافسة خدمات الرسائل الأخرى.
غير أن هذا لا يعني أن سياسة الخصوصية لـ "واتساب" ستبقى كما هي. ففي الوقت الحالي، كما يشير تيم، "لا يجمع واتساب أي معلومات شخصية أو ديمغرافية، على عكس فايسبوك وجوجل اللذان يستخدمان البيانات لإرسال إعلانات مستهدفة".
وإذا كان فايسبوك يريد السيطرة على أكبر منافسيه، فهل ستبقى سياسة الخصوصية على حالها؟
ففي نهاية المطاف، ليست "واتساب" الخدمة الوحيدة التي تضيف مليون مستخدم يومياً. فالمستخدمون المهتمون بمسألة الخصوصية ينضمون إلى "تيليغرام" Telegram، وهو تطبيق يسمح بإرسال رسائل مشفرة تُدمّر ذاتياً إلى مجموعات تصل إلى مائة مستخدم. وبفضل التركيز على الخصوصية والأمن، يسمّى التطبيق "ملاذ الذين يريدون الابتعاد عن واتساب".
وحتى تشرين الأول/ أكتوبر 2013، حشد "تيليغرام" 100 ألف مستخدم (مقارنة بحوالي 450 مليون مستخدم لدى واتساب) وقد يضيف تيليغرام مليون مستخدم يومياً ويتساوى مع واتسب سريعاً. نعم، هذا صحيح. وبحسب ما أفاده موقع روسي، فإن معظم مستخدميه يأتون من الشرق الأوسط خصوصاً من السعودية وعمان والبحرين ولبنان.
وفيما يسعى فايسبوك إلى المنافسة بشراسة مع جوجل، قد يبدو ثمن الاستحواذ على واتساب منخفضاً مقارنة مع الفوائد الجمة التي ستساعد الشبكة الاجتماعية على تحقيق انتشار واسع ومتنامي. وبإمكان فايسبوك الاستفادة من الاشتراك السنوي لـ "واتساب" البالغ دولاراً واحداً من أجل تحفيز مستخدميها في النهاية على الدفع مقابل منتجات فايسبوك (لا إرسال هدايا على فيسبوك).
لكن هل المستخدمون حقًّا أوفياء لمنصات الدردشة؟ وفي حال أصبحت سياسة خصوصية البيانات لدى "واتسب" مبهمة، فهل سيأتي يوم يتخلى فيه المستخدمون عن "واتساب" بحثًا عن منصة أكثر أمنًا؟