هل أصبح الابتكار مبتذلاً؟
لكل مجال مصطلحاته الخاصة: فثمة كلمات معقدة ومتخصصة يستخدمها الناس للتباهي وإظهار المعرفة، وكلمات فقدت معناها الحقيقي بعدما أصبحت مبتذلة. وأحيانًا نسمع آخرين يستخدمون مصطلحات معقدة، فنهزّ رأسنا ونوافق على ما قيل حتى ولو لم نفهم كلمة واحدة، وذلك تجنبًا للتعرّض للسخرية. شاهد هنا هذا الفيديو من مسلسل "30 روك" 30 Rock الكوميدي الذي يسخر من مصطلحات الأعمال المبتذلة:
في عالم التكنولوجيا، تشكل كلمة "ابتكار" خير مثال على ما ذكرناه لتونا. فكثيراً ما استخدمت الكلمة لدرجة أنها أصبحت لا تعني شيئاً او أسوأ من ذلك باتت تعني أي شيء. وفي هذا الإطار، تمكن سكوت بركون، شخص لامع في النظرية التقنية ومهندس سابق في مايكروسوفت، من التمييز بين سبع أفكار على الأقل يتحدث الناس عنها حين يلفظون كلمة "ابتكار".
ويقول بركون: "ما لم تحرص على التأكد من أن الكل يستخدم هذه الكلمات للدلالة على الشيء عينه في مكان ما، فستفشل هذه الكلمات في إيصال المعنى."
وقدّم موقع البحث عن الوظائف "بيت دوت كوم" في دبي تعريفًا من بين التعريفات الكثيرة لكلمة "ابتكار" ذاكرًا في الرسم البياني هنا أن الابتكار هو صناعة تكنولوجيات جديدة أو تعديل تلك الموجودة.
لكنّ حصر الكلمة بهذا التعريف الذي قدّمته دراسة "بيت دوت كوم"، يسفر عن إحصاءات مفاجئة. فالجزء الأكثر إثارة للاهتمام مثلاً في الإحصاءات التي قدمت هي أنّ "83% من المؤسسات التي شملها استطلاع الرأي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تملك استراتيجية ابتكارية طويلة الأمد"، وأن 17% من الشركات التي شملها الاستطلاع أقرّت بعدم اعتماد استراتيجية طويلة الأمد لإحداث تغيير.
وربما تكمن المشكلة الأكبر هنا في أن تعريف الابتكار واسع جدا. ودمج "الابتكار" مع "بناء أشياء جديدة" يجعل الأمر يبدو وكأن الابتكار أمر مستحيل على الشركات التي لا تبني أشياء جديدة، أو كأنّ الشركات التي لا تملك "استراتيجية ابتكار" لا تقوم بأي شيء جديد.
وعلى الرغم من أننا مللنا كلنا من هذه الكلمة، ما زال هناك مكان لها. ويحدّ بركون قائمته القصيرة للاختراعات المبتكرة بالمصباح الكهربائي والحكومات الدستورية وأجهزة الإرسال اللاسلكية، ومتصفح الانترنت الذي ساهم شخصياً في إطلاقه. ويقول بركون إن كل هذه الاختراعات تشكّل "تغييراً ايجابياً ملحوظاً"، وهذا هو تعريفه العملي للكلمة وهو محدود أكثر من ذلك الذي يقدمه المعجم. وبالتالي، أصبح لا معنى لعبارة "نبتكر في كل يوم" الدعائية التي غالباً ما نسمعها.
ويشدد على أنّ: "اللغة السهلة تسرّع عجلة التطور... واللغة المبالغ فيها تبطِئ وتيرة النمو وتُربك الناس حول ما هي أهدافهم. إذا وصفت نفسك بأنّك طويل القامة فهذا لن يجعلك بالضرورة طويل القامة. الكلمة هي فقط كلمة وأفعالك هي التي تهمّ، لا الألقاب التي تستخدمها".
في ما يلي رسم بياني من "بيت دوت كوم":