المسرح الراقص يأمل إطلاق شرارة الإبداع في فلسطين
يقول رامي خضر، مؤسس شريك ومدير لدى مسرح ديار الراقص: "إذا عشت ضحية، بقيت ضحية. ويبقى الأمل في أن نتمكّن من تحويل القمع المستمرّ إلى إبداع."
في محاولة لخلق منصة لحرية التعبير في المجتمع الفلسطيني، أسس خضر المسرح الراقص عام ٢٠٠٨ مع عدد من الفنانين الفلسطينيين. وبعد مرور خمس سنوات، يعوّل على نجاح مسرحه ويعمل على تطبيق نموذج أعمال سيدعم الممثلين ويطوّر الفنون في فلسطين على حدّ سواء.
نموذج يخدم مصلحة الجميع
خلال السنوات الأربعة الأولى، اعتمد المسرح الراقص على الهبات بشكل كامل. إلا أنّ خضر يعتقد أن الهيكيلة غير الربحية حدّت من إمكانيات المنظمة.
ويشرح خضر "إذا كنت فردًا من مجموعة متطوعين، إذًا أنت تقدّم خدمة مجانية، مما لا يسمح للراقصين والممثلين بتقاضي أجر مقابل عملهم. نتيجة لذلك، يبقى الفن هواية وأولوية ثانوية تعتمد على الدعم الخارجي."
طوال العام الماضي، قام خضر بتطوير نموذج أعمال بديل بهدف دعم الثقافة الابداعية في فلسطين.
تعتبر أكاديمية ديار للأطفال والشباب التي ساعد خضر على افتتاحها مطلع ٢٠١٣ جزءاً من محاولته لجني الأرباح. والأكاديمية، التي تأسست بعد نجاح مسرح ديار الراقص الناجح، تقدّم دروس تمثيل ورقص معاصر وتقليدي وترأس ثلاث فرق نسائية لكرة القدم وفريق كرة سلة.
ويدفع الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين ١٤ الى ٢٠ عاماً رسوم عضوية للمشاركة في مختلف دروس ونشاطات المركز. وعندما يبلغون سن العشرين، تتوفّر أمامهم فرصة الانضمام الى فرقة الرقص والتمثيل الجوّالة التي سافرت الى سبع دول لتقديم عروض رقص تقليدي ومعاصر ومسرحيات.
ويشرح خضر أن الأكاديمية هي شركة اجتماعية تغطي تكاليف فرق الراشدين، لأن رسوم الطلاب تعود الى دعم نشاطات الفرقة الجوالة. وحالياً، تُغطّي رسوم العضوية ومبياعات تذامر العروض ومبيعات المنتجات ٥٠٪ من ميزانية الفرقة الجوالة. أما المبلغ المتبقي، فيتم جمعه من المِنح والتمويل الجماعي والهبات الخاصة.
ويعتمد نجاح النموذج على العلاقة بين الأكاديمية وفرقة الرقص. فسيشكّل الراقصون والممثلون الذين يدرسون في المركز جيل الفنانين المحترفين الجديد في فلسطين.
كما تخلق الأكاديمية مجموعة من الفنانين في فلسطين الذين يقومون بتطوير اهتماماتهم ومهاراتهم منذ صغرهم. ويؤمن خضر أن بدء التدريب في سن مبكرة جداً يجعل من الشخص فناناً محترفاً.
أشادت المنظمة غير الربحية "سينيرجوس" Synergos بخضر على أنه مبدِع اجتماعي في المنطقة العربية، ويعزى ذلك إلى عمله في تطوير هذا النموذج.
الحاجة
أطلق خضر مسرح ديار الراقص كوسيلة ليجمع بين شهادته في علم النفس وحبه للرقص الفلسطيني التقليدي ورغبته في مساعدة الشباب الفلسطيني.
يؤمن خضر أن الابداع في فلسطين محدودٌ جداً. ويعيق الجدار الفاصل، والسياسات الراكدة ونقص الفرص الاقتصادية والثقافة المحافظة تحدّ من خيال الشباب الفلسطيني وأحلامه.
قد توّفر الفنون منفذاً للشباب. ويضيف خضر "يمكنهم أن يكونوا قوة إنسانية في وجه القمع، أكان داخلياً أم خارجياً."
ويتابع أن ممارسة الفنون منذ سن مبكرة تساعد الشباب على أن يعرفوا أنفسهم بشكل أفضل وأن يتعلّموا طرقاً جديدة ليسردوا قصصهم وأن يوسّعوا آفاقهم بفضل تبادل الأفكار. بالاضافة الى أنها تساعدهم على تطوير أهدافهم الشخصية.
في فلسطين، قد تساعد الفنون الشباب في التواصل مع ثقافتهم وهويتهم. ولهذا السبب، تركّز أكاديمية الأطفال والشباب على الجمع بين أشكال الفن التقليدية والمعاصرة. ويشير خضر أنه في مجتمع يفقد التواصل مع ماضيه ولا يملك رؤية للمستقبل، "قد يكون ذلك مصدر أمل في حياتنا."
كما أن خضر يؤمن بأن الفنون تساعد على التخلص من الضغط اليومي الذي يتسببه العيش في فلسطين.
المضي قدماً
يضم حالياً مسرح ديار الراقص ٤٠ راقصاً وأكثر من ٣٠٠ طالب في أكاديمية الفنون ودروس الرياضة.
خلال السنوات الخمسة المقبلة، يأمل خضر بتطوير أعماله كي تُغطّي رسوم العضوية في الأكاديمية ٦٠٪ من ميزانية فرقة الرقص. كما أنه يطمح الى العثور على مانح رئيسي بتأمين الـ٤٠٪ المتبقية.
يبقى الهدف الأساسي لنوذج الأعمال هذا "تخريج" راقصين وممثلين محترفين قادرين على المنافسة في سوق الفنون الدولية.
ونظراً للظروف الاقتصادية العالمية الصعبة والوضع الفلسطيني الراهن، يدرك خضر أن الطريق أمامه لن تكون سهلة. إلا أنه يقول: في نهاية النهار، الفن هو "وسيلة للاحتفاء بحياتنا ونحن نبحث عن حريتنا." وهذا موقف يساعده ويساعد وأكاديميته على المضي قدماً.