منافسة بين موقعين، أحدهما محلي والآخر عالمي، فمن يهيمن؟
عندما أعلن موقع "كريم" Careem عن تلقيه استثمارًا بقيمة 1.7 مليون دولار من "أس تي سي فنتشورز" STC Ventures الأسبوع الماضي، بدا ذلك خطوة مناسبة في وقت يستعدّ الموقع لمواجهة منافسه العالمي "أوبر" Uber، الذي دخل السوق المحلية مؤخرًا. يقدم كلا الموقعين لزبائنهم القدرة على طلب خدمة سيارة خاصة مباشرةً من تطبيق على الهاتف المحمول.
انطلق "أوبر" الذي تأسّس أصلاً في العام 2009 في "سان فرانسيسكو" في "دبي" بشعبية كبيرة، مقدمًا للمذيع التلفزيوني الشهير "ريز خان" نزهة في السيارة، وذلك بعد أيام قليلة من إعلانه أنّه حصد مبلغاً استثمارياً قدره 258 مليون دولار من "جوجل فنتشورز" Google Ventures و"تي بي جي إنفستمنت" TPG Investment. وبعد ذلك بأسبوع، سلب "أوبر" كل من "جوجل" و"كلاوت" Klout و "فايسبوك" موظفين موهبين.
ومع دخول "أوبر" إلى الشرق الأوسط، قد يشكّل منافسًا عملاقًا كبيرًا لـ "كريم". غير أنّ هذا الأخير يستعد، في أعقاب حصوله على المبلغ الاستثماري الجديد، للهيمنة على السعودية. وبعد اختبار منتجه في الدوحة وإطلاق نسخة تجريبية في الرياض، يخطط الموقع للتوسع في جدة والدمام العام المقبل.
في الرياض، تشهد خدمته نمواً بنسبة 50 إلى 60% شهراً بعد شهر، وفقاً لمؤسسه الشريك مدسر شيخة، فيما يتزايد عدد المختبرون الأوائل لخدمات الموقع، من مسافرين بدوافع العمل والنساء وأفراد المجتمع التقني.
كما ستعمل شركة "أس تي سي فنتشورز" التي تدعمها مجموعة الاتصالات السعودية على تعزيز الموقع عبر الترويج لتطبيق "كريم" على متجر التطبيقات الخاص بها، ومساعدته على إطلاق فرعه الإداري المحلي، وفي المستقبل البحث في خيارات الدفع عبر المحمول بحسب الشريك أنغوس باترسون.
سيساعد ذلك أيضاً "كريم" على المكافحة لضمان جودة أفضل في سوق مجزأة بمعايير أداء ضعيفة. ويقول شيخة عند سؤاله عن التحديات المحلية في الرياض: "من أين أبدأ. بعض السائقين اعتادوا على القيادة بالجينز والنعال؛ كما أنّهم ليسوا معتادون على فتح الباب للراكب أو مساعدته في حمل الأمتعة".
لحل هذه المشكلة، يختار "كريم" السائقين الذين يفضلهم ومن ثمّ يعدّل كمية العمل التي يحصل عليها كل سائق، في كافة أسواقه، استنادًا إلى تعليقات الزبائن.
ويضيف شيخة أنّ ذلك يشكل تحدياً أكبر، إذ عليهم إرسال السيارة المناسبة للزبون. ويتعامل "كريم"، مثل "أوبر" مع شركات خدمات الليموزين المحلية لتوفير السيارات اللازمة. في الرياض، حيث تملك شركات سيارات عدة صغيرة، عشر أو عشرين أو ثلاثين سيارات، غالباً ما تكون السيارات من نوع "كامري" Camry أو سيارات اقتصادية، وليست "لكسوس" Lexus أو "أودي" Audi كما تفضلها الشركة. في البدء، كان "كريم" مرغمًا على استخدام سيارات الدفع الرباعي، غير أنّه، وبفضل التأثير الذي أحدثته في الشركات المحلية، يقول شيخة: "يمكنك الآن ملاحظة أنّ سيارات "لكسوس" باتت تشكل جزءاً من السوق".
تصعّب خصوصيات السوق السعودية هذه دخول جهة أجنبية مثل "أوبر"، علماً أنّ لا شيخة الباكستاني ولا شريكه السويدي، ماجنس أولسن من سكان المنطقة المحليين. غير أنّ خبرتهما المحلية منحتهما فكرة عن السوق كفيلة بأن تحدد الفرق بين الموقعين في الشرق الأوسط، حيث يقدّم "كريم" إمكانية الحجز سلفاً، في حين أنّ تقنية "أوبر" مصممة للاستجابة للطلبات الفورية فقط.
كما أطلق "كريم" في شهر فبراير/شباط الفائت خدمة "الآن" Now التي تقلّد "أوبر" بحيث أنّها تسمح للمستخدمين بطلب السيارة على الفور وتتبع موقعها في الوقت الفعلي. ومع ذلك، ما زالت 70% من الطلبات التي يتلقاها "كريم" تٌقدَّم سلفاً.
ويفسّر شيخة: "تقديم إمكانية الحجز المسبق يؤدي إلى مشكلة لوجستية؛ المسألة لم تعد مسألة تقنية". وخلافاً لـ "أوبر"، يقدّم "كريم" أيضاً لزبائنه خطاً مباشراً يمكنهم الاتصال عليه. ويوضّح قائلاً: "نحن نؤمن أنّه في هذه السوق، عليك أن تُظهر نفسك أكثر للزبائن".
غير أنّ "أوبر" كان سريعًا جداً في إبرام شراكات محلية جديدة. فقد أعلن البارحة موقع "سوق المال" وهو موقع مراجعات للمنتجات المالية يقدّم نزهات مجانية من "أوبر" لأول ألف مستخدم ينشر نقداً/تعليقاً على الموقع.
وتقول أمبارين موزا، مؤسسة الموقع المفعمة بالحيوية إنّ هذه الشراكة كانت خطوة طبيعية؛ بعد أنّ التقاها مدير "أوبر" العام في دبي في فعالية لخريجي كلية "إنسياد" INSEAD، اقترح عليها فكرة تقديم عرض على أمل أن يساهم ذلك في نشر الخبر عن الخدمة. وتقول موزا: "لاقى الأمر نجاحاً كبيراً البارحة. يبدو أنّ الناس بحاجة إلى الخدمة".
ومع ذلك، تُقر موزا: "عندما أحتاج إلى حجز سيارة مسبقاً، أحجز عند "كريم"". وهي تأمل أنّ تتوسع خدمات "أوبر" في نهاية المطاف لتضم عدد سيارات كافٍ يغنيها عن تقديم خدمة الحجز المسبق. أو يمكن لـ "أوبر" الاكتفاء بتقديم خدماته الحالية إلى جمهوره المؤلف من مسافرين دوليين. لكنّها تختم قائلةً: "ثمة مكان كافٍ للاثنين في هذه السوق".