لماذا وضع رائدات الأعمال ليس سيئاً بقدر ما يبدو؟
كتبت مجلة "رائد الأعمال" Entrepreneur مؤخراً أنّ "نقص الثقة بالنفس والخوف من الفشل يعيقان مسيرة النساء نحو ريادة الأعمال."
وهذا كان العنوان الذي اختارته لمقالها بهدف جذب القراء - وجميعنا مذنبون - إلى قراءة ملخّص عن "التقرير العالمي لمراقبة الريادة" GEM حول النساء لعام ٢٠١٢ (يمكن تنزيل التقرير هنا).
الا أن هذا التصريح مضلّل لأنّ التقرير لم يتوصّل أبداً الى استنتاجات تفيد بأن الخوف من الفشل يحول دون تقدمّ النساء. ونظراً للمعلومات غير الواضحة والمحدودة فيه، من الصعب استنتاج الكثير.
ولكن، إذا أمعنت النظر في التقرير ستكتشف صورة محبطة عن رائدات الأعمال بخاصة في المنطقة العربية، وفي الشرق الأوسط.
ويبرز للتقرير الأمور التالية:
- إن نسبة رائدات الأعمال تبلغ ٤٪ من مجمل السكان (وتصل هذه النسبة إلى أعلاها في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى لتبلغ ٢٧٪).
(اضغط على الصورة أدناه لرؤيتها بحجم أكبر)
- الكثيرات منهنّ يرفضن فكرة الريادة مقارنة مع الرجال. وبكلمات أخرى، النساء لا يعتبرن أن فكرة تأسيس شركة هي فكرة واعدة بقدر ما يعتبره الرجال. وتأتي هذه الفجوة أكبر من أي منطقة أخرى.
- نسبة عالية منهنّ يؤسّسن الشركات بسبب الحاجة، وهذه النسبة تتساوى مع تلك الموجودة في إفريقا جنوب الصحراء الكبرى، والتي تبلغ ٣٦٪.
وأكثر ما يلفت الانتباه في هذا التقرير هو التالي:
معدّل النساء اللواتي لديهن نية في تأسيس شركة ناشئة هو من بين الأعلى في الشرق الأوسط مقارنة باللواتي أسّسن شركات بالفعل. مقابل كل رائدة أعمال، ثمة ست نساء ينوين تأسيس شركة. في حين أنه مقابل كل رجل ريادي، فقط اثنان ونصف منهما قرّرا تأسيس شركة بالفعل. ويعكس هذا الأمر أكبر فجوة بين الجنسين، عالميا،ً بحسب المناطق.
معدل النوايا في مجمل النشاط الريادي (الأحمر للنساء والأزرق للرجال)
ويستنتج معدو التقرير أن هذا الواقع سيء قائلين: "يبدو أن النساء (في الشرق الأوسط ووسط آسيا) يواجهن صعوبة في تحويل نواياهن الى أفعال حقيقية."
ومن دون المزيد من الاحصاءات لازالة الغموض عن البيانات، فلا بدّ عليّ من مخالفتهم الرأي. ونجد استنتاج آخر مفاده أن النوايا في تأسيس الشركات قد ارتفعت مؤخراً في الشرق الأوسط بسرعة أكثر من أي منطقة أخرى.
وعلى أصعدة أخرى، يجد التقرير أن النساء في الشرق الأوسط ووسط آسيا لسن مختلفات عن غيرهنّ. فالنساء أينما كنّ يواجهن خوفًا من الفشل أو الابتكار ويملن الى الانتشار بالتساوي عبر الطبقات الاجتماعية. وبالاجمال، توصل التقرير الى أن النساء يتجهن نحو إنشاء الشركات في قطاع خدمات الزبائن وأنهن غالباً ما لا يعرفن رياديًّا آخر مقارنة بالرجال وهنّ أكثر عرضة لتأسيس شركاتهنّ بشريك واحد.
ولذلك، قبل التوصل الى استنتاجات حول الصعوبات التي تواجهها النساء بالأخصّ في الشرق الأوسط، إليك لمحة عن الأسباب التي تجعل تحليل هذه البيانات صعبًا:
١. ما من اختبارات تظهر إن كانت هذه الاختلافات مهمة. إنّ إجراء اختبارات إحصائية على التقارير هو عنصر هام للغاية غير أنه غائب عن هذا التقرير. وهذه الاختبارات ضرورية لتحديد مستوى الفروقات التي تحدثنا عنها. ومن دون أي تقييم لما ذكِر، لا يمكن مناقشة هذه البيانات بل اعتبارها مجرد فروقات.
٢. شمل التقرير فقط بعض البلدان في الشرق الأوسط ووسط آسيا هنا وهي: الجزائر، مصر، إيران، باكستان، فلسطين وتونس. وبالتالي، هو لا يمثّل المنطقة بأكملها.
ولذلك، من السهل التوصل الى استنتاجات، والقول إنّ رياديي منطقة الشرق الأوسط، (من دون الاهتمام ببلدان مثل الأردن ولبنان والامارات العربية المتحدة) هم أقلّ نشاطاً في مجال الريادة، بالاجمال، من باقي المناطق في العالم أو أن النساء يجدن فرصاً أقل من الرجال في تأسيس شركات أو يخفن أكثر من الفشل.
ومن السذاجة أن نعتبر أنّ الخوف من الفشل هو عائق بحدّ ذاته. فإن كانت النساء يخفن كثيرًا من الفشل، فهذا يعني أن البيئة الحاضنة في المنطقة لها تحدياتها وعوائقها تمامًا كما في أي بيئة حاضنة أخرى.
وفي النهاية، نحن في الشرق الأوسط نتمتع بالعناد الكافي لتأسيس الشركات في كافة الأحوال.