الربيع العربي بالنسبة إلى زيد
زيد فارخ هو أردنيّ أصيل. ولد وترعرع ودرس في الأردن، وتعلّم الاجتهاد في العمل من عائلته. قبل بلوغه منتصف سنّ المراهقة، توفي والده وأخاه الكبير، تاركان والدته لوحدها لتربيته وأخواته الخمسة. ومن الواضح أنها أدت دورها جيدًا. فاستنادًا إلى ما ذكرَته، زيد لا يتردّد في التأكيد على أنّها السبب وراء تميّزه وبراعته.
ما يقوم به هذا الريادي الشاب، المبدِع والمغامر يجب أن يكون نقطة انطلاق تحدّد مستقبل الأردن والمنطقة العربية.
زيد، مطوّر برمجيات، بدأ أوّل عمل له مع أصدقائه عندما كان لا يزال في الجامعة. عندما بلغ الـ 22 من عمره، كان قد بنى بنفسه شركة صغيرة للتطوير على الويب، منحته عقد عمل مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. وفيما كان يدرس ويعمل بداوم حرّ على مشروعه، ساهم زيد في بناء أسُس البيئة التقنية للكثير من الشركات الناشئة الأردنية، منها "ميل أدفايزورز" Mealadvisors.com، "دربني تي في"، "تيب أن تاج" tipntag.com، ومختلف تطبيقات المحمول لـ "آيفود" iFood.jo، ومنصة عالمية هامة للشركات الصغيرة والمتوسطة اسمها AllWordXchange. وقد قام بكلّ ذلك فيما كان يتنقّل بين عَمان والكرك ونيودلهي.
عندما بلغ الـ 24 من عمره، وكان قد وفّر بعض المال، قرّر زيد توضيب أمتعته والتوجّه إلى نيودلهي في الهند، ظنًّا به أنّ الكلفة أقلّ هناك. أراد بناء مشروع تعهدات لتطوير برمجيات تخدم الشركات العربية. ولأشهر طويلة كدّ في العمل طويلاً في مساحة عمل غير جيدة، وتعامل مع مجموعات تقنية هندية، وفي النهاية خسر كافة استثماره. عندها أوقف مشروعه وعاد إلى دياره للبدء من جديد.
تمّ قبوله في صفّ مكثّف لأسبوعين في معهد ماساتشوستس للتقنية MIT حول هندسة الأنظمة والهندسة المعمارية، وقد حضره أشخاص بارزون خبراء في البرمجيات، ومن ثمّ بدأ مباشرة في العمل.
وقف زيد من جديد على قدميه وركّز على بناء شركة تسلّط الضوء على الشركات الصغيرة والمتوسطة اسمها "أس أم إي ستاك" SMEStack. كان زيد، الذي كان عندها في أواخر العشرينات، قد جمع خبرة 10 سنوات نتيجة الفشل والتجارب، وبات الآن ضليعًا في البيئة التقنية الأردنية أكثر من أيّ شخص.
بالرغم من أنّ المنطقة العربية تكتنز الكثير من الموارد الطبيعية، لكنها ضئيلة أمام قدرة ومدى تأثير زيد. فهو ذكيّ، ترعرع في دياره، ومثابر يستمرّ في التطوّر والتقدّم وبناء أمور جديدة طوال الوقت. ويستخدم التكنولوجيا الرخيصة، ويستعين بخدمات أصدقاء من مجاله، ويوظّف أشخاصًا ويخلق ثروة جديدة. إضافة إلى ذلك، هو ثروة بحدّ ذاتها، لكنها ليس نادرة. زيد هو مستقبلنا.
إن كنت تسعى إلى الاستفادة من طاقات الشباب العربي لبناء مستقبل أفضل، فزيد هو مثال يجب أن تُحتذى به. يتمتّع بالقدرة والمهارات، يبحث دائمًا عن المعرفة، يستطيع تنفيذ كلّ شيء، يكدّ في العمل، يرفض الاستسلام، يبتكر حلولاً على الدوام، لا ينتظر مساعدة من الحكومة، ويتحمّل مسؤولياته من دون أن يشتكي.
عندما أفكّر بسياسات واقتصادات الانتفاضة العربية، أول شخص يخطر في بالي هو زيد.