انقلاب في المطبخ المصري: Zooba يعيد ابتكار المأكولات التقليدية
حين تدخل إلى ذلك المطعم الصغير عند الطريق الرئيسية في الزمالك، لا يمكنك إلاّ أن تلاحظ واجهته الملوّنة التي تكشف لك المطبخ الشفاف في الطابق الثاني، والتي تطلّ على الشارع مع خمسة أحرف تقول Zooba. والرائحة الزكية للطبخ المصري ممتزجة بالنفحة الفنية المعاصرة في المكان يرحبان بكم في أكثر المطابخ المصرية إثارة للاعجاب.
"زوبا" هو مطعم مصري نشأ من فكرة بسيطة: إحياء التقليد بطريقة غير تقليدية. وقد بدّل المؤسس كريس خليفة، الذي عمل في القطاع المصرفي لمدة ست سنوات، مهنته ليتبع شغفه للطعام. ويشرح قائلاً إنّ "الفكرة هي تقديم المطبخ التقليدي بطريقة مفعمة بالشغف وعبر استخدام مكوّنات ذات جودة عالية". ويقدم مطعم "زوبا" مجموعة واسعة من المأكولات المصرية من الفول والطعمية إلى الكشري والحواوشي. بالإضافة إلى ذلك، يحضّر المطعم صلصات مصرية وسلطات ومخللات وخبز ومنتجات متفرعة منه، ومجموعة متنوعة من الحلويات والعصائر وكل ذلك بأسعار معقولة، حيث يمكن أن تبلغ فاتورتك بين 4 إلى 8 دولارات (25 إلى 50 جنيه مصري).
ولكن ما الذي يميّز المطعم عن غيره؟ يقدم المطعم خلطات جديدة تجمع بين العناصر الموجودة على قائمة الطعام، فهو يمزج الفول مع خلطة أصلية من البهارات والخضار، ويصنع الخبز البلدي من الشمندر أو السبانخ أو صلصلة الجبنة بطعم الكمّون والبرتقال. ولا تنسوا عصير الفراولة الطازج مع الريحان أو الكشري الذي وجدته رائعاً وتذوقت الكثير منه.
ويعمل خليفة على المفهوم الذي يقوم عليه المطعم منذ ما قبل الثورة. ولكن بسبب الوضع السياسي غير المستقر العام الماضي، أدت الصعوبات في العثور على موقع جيد، إلى تأجيل الفكرة حتى نهاية العام 2011. ولكن في آذار/مارس 2012، انطلق المطعم بكامل قوته. ويقول خليفة "بعد الثورة، بدأت الأمور تعود إلى طبيعتها. ولا يزال الناس يخرجون ليتناولوا الطعام ولا يزال هناك 80 مليون شخص في مصر يحتاجون إلى أساسيات مثل الطعام الجيد".
مطعم "زوبا" هو مشروع مموّل ذاتياً وينوي خليفة إبقاءه كذلك بفضل عمله بدوام كامل. ويقول خليفة "لا يوجد ريادي يعمل بدوام جزئي فأنت إما ريادي أو مستثمر". ومن أجل إدارة العمليات اليومية في المطعم، جاء بمصطفى الرافعي ككبير الطباخين وشريك له.
وفي الواقع، إن كل من يعمل في "زوبا" هو طباخ مدرّب، وهذا أمر غير سائد نظراً إلى افتقار مصر إلى أكاديمية للطهي. غير أنه في مطلع العام 2012، خرّجت أكاديمية جديدة ترأسها جمعية الطهاة المصريين ووزارة السياحة المصرية، أول دفعة من الطباخين وقد شكّل خليفة والرفاعي فريقهما منها. درّبا طهاتهم الجدد وقدما لهم حصة من أرباح المطعم لتشجيعهم على الانخراط في المقاربة التشاركية في بناء "زوبا". ويعتبر المطعم الطهاة أكبر رصيد لديه.
ومن أجل إطلاق المطعم، حاول خليفة الوصول إلى الزبائن عبر الإعلام الاجتماعي. ولم يلجأ إلى الإعلانات إذ انه اعتبر أن لافتة مطعمه التي تحمل إسم "زوبا" هي لوحة إعلانية بحد ذاتها نظراً إلى موقعها المميز.
وقال إن "الزمالك منطقة عظيمة للعلامات التجارية تمامًا مثل سوهو في نيويورك". وهو يعتمد أيضاً على المراجعات حول زوبا التي يجريها الكتّاب والنقّاد في قطاع المأكولات التي كانت إيجابية حتى الآن.
بدأت تفتح في مصر متاجر أخرى تقوم على مفاهيم مشابهة، أي إعادة ابتكار الطعام المصري التقليدي مثل "كايرو كيتشن" (Cairo Kitchen) الذي افتتح بعد بضعة أسابيع من "زوبا". وبالنسبة لخليفة، يشجّع هذا الأمر السوق على تبنّي المفهوم وتوسيع قاعدة زبائنهم.
ويقول إن "بدء شركة ليس بالأمر السهل في مصر. فهذا البلد ليس صديقاً جداً للرياديين"، مستذكراً التحديات التي واجهها للحصول على تصريح والنقص الكبير بالتمويل في مصر. ولكنه يشدد على أن الافتقاد إلى البنية التحتية يدفع الرياديين إلى العمل بجد أكثر على ما لديهم، منطلقاً من قناعة بالفرص اللامتناهية في مصر.
ويشرح خليفة أن الخطوات التالية بالنسبة لـ"زوبا" ستكون التوسّع في مصر ومن ثم التوسّع دولياً من أجل ملء الفجوة في السوق، مضيفاً "لا يوجد اعتراف بالأكل المصري خارج مصر".
وبالفعل، يثير "زوبا" الشعور بالحنين إلى كل ما هو مصري، بدءاً من التصميم والمنتجات والخدمات والألوان. ويثير المطعم تفاؤلاً من شأنه أن يهيمن على الأفكار المبتذيلة (كليشيه) القديمة حول الثقافة.