طاقة خضراء مبتكرة ورياديون في التكنولوجيا يلمعون في تيد تونس
أصبح الكثير من الناس في هذه المرحلة، يعرفون ما هي سلسلة محدثات تيد (TED هي اختصار لكلمات: تكنولوجيا وترفيه وتصميم) والتي جمعت عام 1984 لأول مرة خبراء في مكان واحد كي "يقدموا حديث حياتهم" في مؤتمرات محصورة بجمهور ومشاركين معيّنين وذلك في لونغ بيتش سبرينغ بولاية كاليفورنيا. ومنذ بدايتها، توسّعت تيد بسرعة لتتضمن بثاً مجانياً لأحاديث تيد على الإنترنت وفعالية تيد العالمية في إسكتلندا وترخيصاً مجانياً لأي شخص في العالم يريد استخدام إسم تيد لتنظيم مؤتمرات تيدكس المصغّرة. وحتى اليوم تم تنظيم أكثر من 3800 مؤتمر تيدكس في 117 دولة.
وهذا العام وتحضيراً لمؤتمر تيد 2013 في لونغ بيتش، كاليفورنيا بعنوان "الشاب، الحكيم، غير المكتشف" انكب فريق تيد على البحث عن مواهب حول العالم في 14 مدينة في ست قارات لإجراء تجارب أداء لمتحدثين كي يكون لديهم فرصة للتحدث على مسرح تيد العالمي. وإحدى المدن المحظوظة بما يكفي ليتم اختيارها هي تونس.
جرى تيد@ تونس في الثامن من مايو/أيار في مركز العلوم في تونس ونظمه حسام عودي منظم تيدكس قرطاج الموسمي. وعلى الرغم من أنه كان معتاداً على الشكل بعد أن استضاف ثلاثة مؤتمرات تيدكس ناجحة وعمل لمؤتمر تيد في الدوحة، إلاّ أن هذا المؤتمر كان مختلفاً جداً عن سابقيه. أولاً، شارك فيه مؤسس تيد كريس أندرسون شخصياً والراعي كيلي يونغ ستويتزيل الذي درّب شخصياً المتحدثين قبل أن يصعدوا إلى المسرح.
وأشار عودي إلى أن "التعاون بين مجتمع تيدكس التونسي وكريس وكيلي جعل التجربة فريدة وممتعة. وكان من العظيم إظهار جانب مختلف من تونس لفريق تيد الموسّع". وكان المتحدثون الـ18 من جميع الأعمار ومن ثماني دول وتحدثوا عن مواضيع تراوحت بين البناء الصديق للبيئة والانتحار الاجتماعي وعن تفسير بيانات مختلطة إعلامياً ومفهوم ان الثورة التونسية تتحول إلى دكتاتورنا الجديد.
وبلغ عدد المشاركين 250 ومعظمهم من الشباب وقد سرق الرياديون التونسيون الأضواء وهم حسين لعبيد الذي عرض تقنية تطويرية جديدة لاستخراج الطاقة من الرياح والدكتور محمد الجمني الذي عرض تطبيقاً سيحدث ثورة في الطريقة التي نتواصل فيها مع الصمم.
ترك حسين لعبيد (مساهم في ومضة) عمله مع سيتي بنك في دبي وانتقل إلى تونس بعد الثورة ليبدأ شركة "سافون أنرجي" مع صديقه وشريكه والمخترع أنيس عويني. ولأول مرة أمام جمهور عام في تيد@تونس يكشف التكنولوجيا المبتكرة للشركة التي تقوم على عدم استعمال شفرات والتي ستغيّر الطريقة التي ننظر فيها إلى استغلال الرياح واستخراج الطاقة منها. ولم يكن النموذج الذي قدمه يشبه بأي شكل من الأشكال توربين الرياح فهو يستخدم بدلاً من ذلك تقنية المركب الشراعي الذي يتأرجح مع الريح وذلك في حركة ثلاثية الأبعاد لزيادة الطاقة المجمّعة. وشرح حسين ان "المركب الشراعي هو أحد أقدم نظم تحويل الرياح وحتى اليوم هو الوحيد القادر على التقاط الرياح وتحويل مجموع الطاقة الحركية إلى طاقة ميكانيكية". وسمّت الشركة الجهاز (the Saphonian) "الصافوني" نسبة إلى الإله "بعل صافون" (Baal Saphon) في حضارة قرطاج إبان حكم الإمبراطورية القرطاجية الذي كان يمثّل قوة الرياح. ولكن لأن الطاقة بالفرنسية يشار إليها بـ"Elionne" يعيد حسين وأنيس تسمية العلامة التجارية لتصبح " Saphonienne" تكريماً لمسقط رأسيهما.
وSaphonian هو ابتكار تطويري حصل على براءة اختراع من المنظمة العالمية للملكية الفكرية وتلقى للتو جائزة الإبداع من المكتب الدولي للتدقيق والخبرات "كيه بي أم جي" KPMG. وأوضح حسين أن "هدفنا لم يكن تحسين تقنية التوربين بل الخروج بحل جذري جديد عبر عملية تفكير جانبي. وتقوم فكرتنا الأساسية على استبدال نظام الدوران بكامله بآلية جديدة لا تقوم على الدوران ومستوحاة بشكل كبير من المركب الشراعي".
وأظهرت الاختبارات التجريبية أن مستوى كفاءة Saphonian هو أعلى مرتين إلى أربع مرات من توربينات الرياح ذات الثلاث شفرات وحتى أن لديه القدرة على تحويل وتخزين الطاقة بكفاءة.
وبفضل هذه التكنولوجيا، أعيد اختيار حسين ليذهب إلى مؤتمر تيد العالمي في أدنبرة بإسكتلندا ليكون أول تونسي يصعد إلى مسرح تيد العالمي وذلك في 25 يونيو/حزيران الجاري. وغني عن القول إن هذه التكنولوجيا ستضع تونس على الخريطة العالمية للإبتكار والريادة. وأحب أن أفكر بها على أنها مثل سكايب بالنسبة لنا والذي لم نكن قبله نعرف أين تقع استونيا.
وقدم تونسي ملهم آخر تقنية تطويرية وهو الدكتور محمد الجمني البروفيسور في الكلية العليا للعلوم والتقنيات في تونس، بجامعة تونس، وخبير في أدوات التعلّم الإلكترونية والوسائط الفعالة التكيفية التعليمية ونفاذ ذوي الحاجات الخاصة إلى وسائل التكنولوجيا الحديثة. وكشف خلال تيد@تونس، سلسلة جديدة من الأدوات التي طورتها منظمته WebSign والتي تقوم كما قال على "تقنية أفاتار (رسوم متحركة في العالم الافتراضي). ويقوم مستخدم النظام بإدخال نص باللغة الطبيعية ويحصل على مقابل يقدمه أفتار بلغة إشارات في الوقت الحقيقي وعلى الإنترنت. وعملية التحويل من لغة مكتوبة إلى لغة إشارات تجري بفضل قاموس كلمات وإشارات".
والمثير للإعجاب أن هدفه هو مشاركة هذه التكنولوجيا على أساس لا يبتغي الربح مع المعلمين والطلاب والمستخدمين والباحثين والتشجيع على توسيع استخدامها من قبل مختلف الشرائح.
على العموم، كان تيد@تونس تذكيراً ساطعاً بأن تونس يمكن أن تصبح مكاناً حيث يمكن تبادل الأفكار ونشرها، وحيث لا أحد يجب أن يفرض رقابة على أفكاره أو كلامه، وحيث يمكن أن يأتي الناس من جميع أنحاء العالم للمشاركة والحصول على الإلهام.