منتدى دبي: رائدات الأعمال العربيات مدعوات للتخلص من الخيارات التقليدية
حسب منتدى لسيدات الأعمال أقيم في دبي فإن العديد من التحديات الثقافية تواجه النساء اللواتي ترغبن في أن تصبحن سيدات أعمال في منطقة الشرق الأوسط، غير أن هنالك عقبة مالية غريبة تواجه السيدات المنحدرات من الطبقة المتوسطة.
واستنادا لما قاله الخبراء خلال منتدى شبكة سيدات الأعمال في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في أبريل/ نيسان، فإنه في حين يتمكن الفقراء في المنطقة غالبا من اعتماد مصادر تمويل المشاريع الصغيرة التي تقدم التمويل مع سلاسل قليلة في كثير من الأحيان، وتتمكن النساء الثريات من الحصول على رأس المال من البنوك والمؤسسات المالية الأخرى بضمانة اسم العائلة فقط، فإن كلا البابين مغلقان أمام النساء المنحدرات من الطبقة المتوسطة.
وتقول نديرة شاملو Nadereh Chamlou، المستشارة العليا لكبراء الاقتصاديين في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: "إن الشريحة المتبقية هن نساء الطبقة المتوسطة اللواتي ليس لهن الأصول التي تملكها الطبقة العليا، ولكن لديهن القدرة على بدء نشاط تجاري" مضيفة: "إن كلا الجانبين يضغطان على هذه الشريحة. ويكمن جزء من المشكلة في التفكير في الضمانات لدى القطاع المصرفي. وتعاني النساء من هذا بشكل أكبر لأنهن تأسسن شركات في مختلف القطاعات التي لا تتناسب والنموذج المصرفي".
لقد نصحت شاملو وغيرها من المتكلمين رائدات أعمال الطبقة المتوسطة باعتبار الخدمات غير المالية والتمويلات عن طريق الأسهم لمساعدتهن في أعمالهن. لقد كان ذلك مجرد اقتراح تم التعبير عنه خلال هذا المنتدى الذي سعى إلى تسليط الضوء على بعض القضايا التي تواجه سيدات الأعمال في المنطقة.
وكانت بعض المواضيع التي نوقشت مألوفة لأي شخص من الحاضرين بالمنتدى الإقليمي لرائدات الأعمال، مثل التغلب على وصمة العار التي تلحق بمن لا ينجح. حيث قالت المتحدثة الرئيسية للمنتدى الشيخة لبنى القاسمي، وزيرة التجارة الخارجية في دولة الإمارات العربية المتحدة: "إن الخوف من الفشل هو أحيانا ما يدفعك إلى بذل المزيد من الجهد".
ولكن تكمن إحدى القضايا الرئيسية حسب المتحدثين في كون النساء تضيقن الخناق على أنفسهن. إذ يرى الخبراء أنه على الرغم من وجود التمويلات المخصصة للشركات المحلية في منطقة الخليج بسخاء، فإن رائدات الأعمال المحتملات لسن طموحات بما يكفي بشأن خطط أعمالهن. كما قالوا إن على النساء إنتاج المزيد من الابتكارات والمشاركة في شركات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الناشئة، بدلا من الشركات التي تتركز في قطاع الضيافة أو التجزئة.
تقليص الفجوة بين الجنسين
تخص مسألة الخوف التي أشارت إليها القاسمي كلا من الرجال والنساء الذين يسعون لإنشاء أعمالهم في منطقة الشرق الأوسط، حيث يعتبر الأمن الذي تتيحه وظيفة في القطاع الحكومي أو القطاع الخاص أفضل بكثير من المغامرة بشكل منفرد، وفقا لعدد من المتحدثين في المنتدى. كما أن القطاع المصرفي وقطاع الخدمات المالية على وجه الخصوص لا يدعمان كلا من الرجال والنساء من أصحاب المشاريع ويفرضون الشعور بالفشل.
وحسب عفيف برهومي، الخبير في ترويج الاستثمار لدى المركز العربي الجهوي لرائدات الأعمال والتدريب في الاستثمار المتركزة بالبحرين: "هناك تمييز ضد أصحاب الأعمال العصاميين بمقابل أصحاب الأعمال الذين تصنعهم العائلات. إن الحصول على الخدمات المالية أمر صعب بكل الطرق، بغض النظر عما إذا كنت ذكرا أم أنثى. وهذا هو ما نواجهه عادة، على أساس الخبرة العملية.'
ومع التطورات الحاصلة خلال الربيع العربي وإثارة التساؤلات حول الفضاء الذي سيكون للمرأة العربية في اقتصاديات الأعمال والمشاركة في العمل السياسي، شهد المنتدى تمثيلا من دول مثل تونس، حيث حفزت الثورات التغيير.
لقد دفعت الحاجة إلى دعم تطوير الأعمال التجارية المحلية عامة المنظمة غير حكومية التونسية إندا آنتير آراب إلى توسيع سياستها من توفير التمويل الصغير للنساء فقط إلى الرجال أيضا. حيث تقول أسما بن حميدة Essma Ben-Hamida، مديرة إندا آنتير آراب: "لقد بدأنا بتمويل النساء بنسبة 100٪ وبعد ذلك اكتشفت أننا بحاجة إلى النظر إلى الوضع في بلادنا. إنه لمن المهم تغيير المجتمع وتقليص الفجوة بين الرجال والنساء".
وقالت بن حميدة إن المنظمة غير الحكومية قدمت التمويل لأكثر من 340000 مستفيد. كما قالت بأن الفرق الرئيسي بين العقبات التي تواجه المرأة والرجل يكمن في بعض القوانين التي تحد من حقوق المرأة، كتلك التي تمنع النساء من العمل أو السفر دون الحصول على إذن من أفراد الأسرة، وقوانين الميراث التي تحرم المرأة من التحكم في الأصول التي تكون بحاجة إليها أحيانا كضمان عند الاقتراض.
كما أشارت إلى أن القوانين لا تنطوي في غالب الأحيان على تمييز ضد المرأة، ولكن المسؤولين عن تنفيذ هذه القوانين يفسرونها على نحو يجرد المرأة من الأدوات اللازمة لإنشاء شركتها الناشئة. كما يؤدي ضعف التعليم أيضا إلى عدم معرفة النساء والرجال على حد سواء بحقوقهم وحمايتها. وأضافت: "إذا كنت فقيرا، فأنت لا تعرف لا القوانين ولا حقوقك، لذلك فأنت لا تطالب بها. إننا بحاجة للتثقيف السياسي والمواطنة إذا ما أردنا لمنطقتنا أن تكون ديمقراطية.'
البحث عن شيء مختلف
وفي الخليج، الذي يوجد بمنأى عن ثورات الربيع العربي إلى حد كبير، يكمن التحدي أمام النساء صاحبات المشاريع في الفرص الضائعة. حيث تزخر العديد من صناديق التنمية الاجتماعية بالتمويلات، ولكنها تريد من النساء إعداد خطط عمل بعيدة عن مجال التجزئة والأزياء.
وتقول تمارا عبد الجابر، المؤسسة المشاركة وعضو المجلس التنفيذي للشركة الاستشارية المتمركزة في الأردن- بالما: "يكمن التحدي في كون النساء لا تفكرن بعيدا. إننا لا نرى نساء يستجمعن شجاعتهن للإقدام على مجالات عمل أخرى، بعيدا عن الطهي والحرف التقليدية.'
كما أشار إبراهيم المنصوري، المدير التنفيذي للعمليات بمقاولة صندوق خليفة لتنمية المشاريع المتمركزة بالإمارات، والتي تدعم رواد الأعمال الإماراتيين، إلى مثال لسيدة إماراتية جاءت للصندوق بفكرة فتح متجر للعباءات.
وقال إن الصندوق نصحها بالبحث عن فكرة أكثر ابتكارا طالما أن الإمارات العربية المتحدة تعج بمحلات العباءات. وإذ كانت السيدة مولعة بالتصوير فقد جاءت بفكرة التقاط الصور للأطفال حديثي الولادة في المستشفيات. ومن تم ساعدها الصندوق فقط على ربط الاتصال بالمستشفيات من أجل اكتساب عملاء لها هناك.
و يقول المنصوري: "إن المسائل المالية ليست القضية الوحيدة التي يواجهها أصحاب الأعمال. وإنما يكمن أحد التحديات الرئيسية التي نواجهها في الإمارات العربية المتحدة غالبا في كون الطلبات عادة ما تكون مبنية على الفرص بدل الاحتياجات.'
وقال إن الصندوق قد وافق على 320 مشروعا من أصل 7500 طلبا تم تلقيه حتى الآن، مع ما يقرب من 30٪ من المشاريع التي يجري تطويرها من قبل رائدات الأعمال.
كما يفتقر أصحاب المشاريع في المنطقة أيضا إلى القدرة على تحويل الأفكار إلى خطط عملية قائمة. وقال المنصوري إن من بين التحديات التي تواجه رواد الأعمال الإماراتيين، بما في ذلك النساء، تتجلى في جعل أعمالهم تنمو بعد الإنشاء الأولي.
وتشارك وجهة نظر المنصوري كلير وودكرافت Claire Woodcraft، الرئيسة التنفيذية لمؤسسة الإمارات، وهي منظمة خيرية حكومية بأبوظبي تدعم القطاعين العام والخاص المبادرات الممولة. إذ تقول: "يتمثل التحدي في استدامة هذه المشاريع، إن رأس المال وفير، ولكن الأمر ليس مماثلا بالنسبة للمساعدة على التطوير.'
كما قالت الشيخة القاسمي للحاضرين إن الحديث عن تطوير الأعمال ومواجهة المخاطر التي تنطوي عليها العملية أسهل من القيام به. وعلى الرغم من أنها قد اكتسبت مكانة رائدة، أولا كالموظفة (الأنثى) الوحيدة في الشركة الهندية لتطوير البرمجيات، ثم إدارة "تجاري"، و هي أول سوق للأعمال مقابل الأعمال بدولة الإمارات العربية المتحدة. كما أرجعت الفضل في نجاحها إلى الخوف من الفشل ولمسة من العناد.
وكان على القاسمي إقناع أسرتها للسماح لها بالذهاب إلى المملكة المتحدة والولايات المتحدة لدراسة علوم الكمبيوتر. كما كانت أمامها أيضا مهمة صعبة في إقناع عائلتها بعملها في إحدى شركات القطاع الخاص لتطوير البرمجيات بدلا من الاقتناع بوظيفة حكومية مريحة في بعد التخرج.
كما ساعدتها روحها الريادية على أن تصبح أول امرأة تشغل منصبا وزاريا في دولة الإمارات العربية المتحدة، في عام 2004 عندما أصبحت وزيرة للاقتصاد والتخطيط. وتقول: "أتذكر ثلاثة أسابيع من الليالي الطوال، لم أكن أعرف فيها كيفية التقديم ولا ما كان من المفترض أن أفعله. وكوني وحدي هناك، أمام وجوب النجاح ليس فقط بوصفي وزيرة، ولكن أيضا بوصفي امرأة عليها إثبات أن اختيار الحكومة كان صائبا".
تم نشره في ٣٠ أبريل/ نيسان ٢٠١٢ في Arabic Knowledge@Wharton