خلق تحوّل ثقافي في القاهرة
جمعت فعالية Culture Shift (التحوّل الثقافي) التي أقامها المجلس الثقافي البريطاني من 3 إلى 5 أيار/مايو الجاري في القاهرة، بين حشد عدد متساو من الناس من فنانين ومطوّري برمجيات ومتطوعين في منظمات غير حكومية ومهنيين في مجال الأعمال، ونفحة من "ستارتب ويك آند" لتسريع إنشاء الشركات، بالإضافة إلى دفعة كبيرة من الثقافة. وسبق أن أقام المجلس البريطاني فعاليات مشابهة في ثلاثة بلدان افريقية وهذا الحدث هو الأخير في هذه السلسلة.
ازدادت وتيرة تنظيم فعاليات مثل هذه في مصر بشكل مضطرد منذ أكثر من عام، ولكن ما جعل هذه الفعالية مختلفة كان تركيزها على الثقافة أو بعبارة أدق، على الشركات الناشئة التي تهدف إلى إحداث تغيير جذري في الثقافة وإيجاد حلول لتحديات ثقافية حالية.
والشكل الشامل للفعالية التي جرت في نهاية الأسبوع مشابه إلى حد كبير لفعاليات "ستارتب ويك آند" حيث يقترح الناس أفكاراً لشركات ناشئة ويشكلون فرقاً ويقضون نهاية الأسبوع وهم يطوّرون أفكاراً لمشاريع أعمال ومن ثم يقدمون نماذجهم وخطط أعمالهم أمام لجنة تحكيم لتقرر الفائزين. إلاّ أن السياق الثقافي يفرض نفسه بطرق مختلفة.
أولاً، لم يكن مطورو البرمجيات هم الذين قادوا الفعالية. فالمطورون عادة ما يبدأون بحل نهائي في بالهم بينما الفرق هنا بدأت عبر التركيز على المشكلة التي أرادت حلّها. وقد جرّب الفرق العديد من الحلول الممكنة عدة مرات، حتى في اليوم الأخير، قبل الاتفاق على نماذج الأعمال. وهذا يعني أنه بحلول نهاية عطلة نهاية الأسبوع لم تكن هناك نماذج عمليّة للمشاريع. والخدمات أو المنتجات المقترحة تفتقر أيضاً إلى تعريف مناسب، ولكن ما كان مثيراً للاهتمام هو أن التأثير العام على المجتمع المستهدف كان واضحاً جداً.
وعلى الرغم من أن فريقاً واحداً بنى يدوياً إطار الماسح الضوئي للكتب، إلاّ أنه لم يكن مفاجئاً أن جميع الفرق خرجت بنماذج أعمال تعتمد بكثافة على تطبيقات الويب أو المحمول. وكانت الغرافيتي هي مركز تركيز أحد الفرق، والفنانون كان هدفاً لفريقين وقراء الكتب لفريق ثالث. ونصف الفرق قررت أنها تفضل النماذج التي لا تهدف إلى الربح.
وقرر المنظمون السماح بأن يتم تطوير ستة أفكار فقط ما يعني أن الفرق كانت أكبر من العادة. وكان أصغر فريق يضم 6 أعضاء، والأكبر يضم 14. وهذا ما فرض حصول صدام أناوات لم يمكن بالإمكان تفاديه وتحديات تنظيمية، كما أجبرت الفرق على دمج فكرتين أو ثلاثة في واحدة. وبعض الفرق نجحت في ذلك والفرق الأخرى لم ينجح. ولكن بدا لي أن هذا كله جزء من الخطة، نوع من الفوضى المنظمة. وقد وضع معظم المشاركين خارج النطاق الذي يرتاحون فيه، ولأكون منصفاً فقد لمع معظمهم في هذا الجو.
وتساءل بعض الأشخاص بأحاديث خاصة ما إذا كانت "فيرمونت تاورز" الخيار الأفضل كموقع لتنظيم الفعالية باعتبار أن المال الذي كان يمكن توفيره لو تم اختيار مكان آخر كان يمكن بسهولة أن يضاعف قيمة الجوائز. ولكن الطعام كان جيداً جداً واستطاع المشاركون أن يركزوا على العمل الذي بين أيديهم بطريقة مريحة وجدية.
وعندما حان الوقت لتقديم العروض النهائية أظهر فريقان مستوى لافتاً من الإبداع حيث قدم أحدهما مشهداً هزلياً لتوضيح المشكلة التي يحلّها فيما أدى الثاني أغنية وارتدى أعضاؤه قمصاناً متطابقة عليها رذاذ طلاء. ولكن السبب في أن الحضور لن ينسى العروض لا يعود فقط إلى هاتين اللوحتين الفنيتين. فأحد المشاركين، وهو مؤسس "سرمدي"، كون أودونيل، أشار خلال عرضه، إلى أنه لكونه رأسمالي، لم يكن يؤمن بالحلول التي "تعتمد على المساعدة لتستمر". بدا في هذا نوع من التبجّح أتى بنتائج عكسية، حيث أن الفريق لم يفز بأي شيء. وهذا يثبت أنه حتى رجال الأعمال ذوي الخبرة قد يعلقون في اللحظة ويسيئون الحكم على جمهورهم. ولكني متأكد من أن فرص نجاحهم لا تتأثر وستمضي مشاريعهم قدماً.
ولكن الفسحة الفنية والطاقة لم تنته مع هذه العروض فخلال مداولات لجنة التحكيم دعا المنظمون الجميع إلى جلسة صاخبة للقرع على الطبول وانضم الجميع إلى المتعة حتى أن البعض منا تقرّحت يداه في النهاية.
ولكن حين حانت اللحظة المنتظرة لم تمنع الأيدي المتقرحة الجميع من التصفيق بصدق للفائز الأول أي فريق "مشبّك". وكان هناك إجماع بين أعضاء لجنة التحكيم والمشاركين على حد سواء بأن خطة هذا الفريق للربط بين الفنانين وبين الفنانين والمنتجين كانت ضرورة كبيرة وفكرة مدروسة جداً. وحصل الفريق أيضاً على إشادة على روح التعاون الفعالة بين أعضائه.
كانت الفعالية بالإجمال منعشة. وقد تعرف فيها أصحاب المشاريع الناشئة على وجوه جديدة وتعلّموا طرقاً جديدة لإقامة شركة ناشئة. والخلاصة ان المفتاح هو الإبداع بكل هيئاته.
لتتعرفوا أكثر على الفرق التي عرضت أفكارها في الفعالية، إقرأوا اللائحة الكاملة.