الرياديون في مجال التكنولوجيا يتحضرون لمصر جديدة
تشارك أحياناً بفعالية متوقعاً أمراً ما وينتهي بك الأمر مكتسباً نظرة ثاقبة في أمر مختلف كلياً أو على الأقل في أمر يبدو لك مختلفاً كلياً. وهذه هي الحالة في فعالية "Tech Talks" التي جرت في جامعة عين شمس الأربعاء الماضي.
نظّم الحدث أيمن النجار وآخرون من سفراء جوجل في الجامعات لنشر الوعي حول الريادة بين طلاب جامعة عين شمس. وأيمن وزملاؤه من أشد المؤمنين بأن الأنشطة خارج المنهج هي التي تعطي الطلاب المعرفة والشهرة الضروريين لملء الفجوات في النظام التعليمي المصري.
لم أذهب إلى عين شمس من قبل، ولكنها تمنحك شعوراً بالفوضوية التي استمتعت بها. وكان ذلك اليوم يوم تخرج الكثيرين لذلك فقد كانت هناك مجموعات من الطلاب خارج الفعالية يصدرون ضجة كبيرة. وأكثر من مرة سمعنا دوياً ما أثار قلق بعض الضيوف خصوصاً لأن ساحة العباسية التي كانت مسرحاً للعنف في الآونة الأخيرة لا تبعد أكثر من مائة متر. ولكن أيمن طمأننا إلى أن هذا نوع من الترحيب الطبيعي في عين شمس، فضحكنا جميعاً على ذلك.
وركّزت الفعالية على ثلاثة مسائل ومن ثلاثة زوايا. فقد تحدث أحمد عبد الحميد وهو المدير الرئيسي لمشروع IBM، بشكل خاص عن المبالغة في تقدير الموهبة الطبيعية فهو يؤمن بأن الممارسة والانضباط تعوّض عن أي غياب للموهبة وذكر القول الشهير لغاري بلاير "مع الممارسة يزداد حظي". وأنا شخصياً أشعر أن هذه نقطة مهمة للطلاب لأن مصر تنتقل من الرأسمالية الفاسدة إلى نموذج للرأسمالية الريادية. والريادة هي التنفيذ الجيد.
وجاء المثال على التنفيذ الجيد متمثلاً بالمتحدث التالي جمال صادق المؤسس المشارك لخدمة مشاركة المعلومات حول وضع حركة السير "bey2ollak" التي فازت للتو بمسابقة "إبدأ" من جوجل.
وتحدث جمال عن تجربة الموقع حتى الآن وأنه على الرغم من أنه انطلق قبل الثورة إلاّ أن القيمين عليه كانوا مقتنعين بأن التعهيد الجماعي ينجح في مصر. فالمفهوم كان جديداً في تلك الفترة حتى أن أحد المستشارين في الأعمال سخر منهم قبل انطلاقه ولكن هذا لم يؤد سوى إلى شحذ همتهم. فقد كانوا متأكدين من أن المصريين سيكونون سعداء بمساعدة بعضهم البعض على تحديد كيفية تفادي الزحمة وسلوك أفضل الطرقات. ومن ثم اندلعت الثورة بعد بضعة أشهر، كما لإثبات الفكرة. والآن لدى الموقع أكثر من 250 ألف مستخدم وكل هذا من دون أي ميزانية خاصة للتسويق.
وهذه القدرة على حشد هذا العدد الكبير من "الأتباع" جرت مناقشته أكثر من قبل المتحدث الأخير زياد علي، الرئيس التنفيذي والمؤسس لـ"ALZWAD" ومؤسس حركة "Masrena " (مصرنا). وأسس زياد حوالي 20 شركة في جميع المجالات لذلك فهو يتمتع بثروة من التجارب في الريادة. وقد تحدث عن السمات الرئيسية للريادي: مستوى معيّن من القلق والرغبة في الغوص في المجهول والسعي وراء آراء الآخرين والشخصية المثابرة.
ومن ثم اتجه الحديث نحو السياسة حين كشف زياد "بالخطأ" من هو المرشح الذي يؤيده في الانتخابات الرئاسية. وكان من الطبيعي أن يختار الطلاب أن يسألوا زياد بعد انتهاء كلمته، كل على حدة عن خياره السياسي. فالانتخابات الرئاسية في مصر وهي الانتخابات الحرة الأولى في البلاد أمر محوري لمستقبل الوضع الاقتصادي وحياة الشعب وليس الطلاب فقط. وقد نرغب بالتفكير بأن بإمكان الرياديين أن يتجاوزوا أي تحد بغض النظر عمّن سيفوز في الانتخابات ولكن سيكون عاملاً مساعداً أن يفوز مرشحين يعملون بجد من أجل دعم نمو القطاع الخاص.
ومن الواضح أنه يجب أن يكون لدى المرشح الرئاسي العديد من السمات الريادية لذلك لا يجب أن نفاجأ بأن الرياديين الذين يتجهون إلى الانتخابات اليوم قد يختارون مرشحين يتفقون مع مصالحهم. ففي نهاية المطاف الطيور على أشكالها تقع.
ـــ
عمر عايشة هو مطوّر سابق لألعاب الفيديو قبل أن يتحوّل إلى ريادي في تكنولوجيا المعلومات ثم إلى كاتب لديه عدد من المشاريع الإعلامية طور الإعداد.