طالب متدرّب في مشروع لبناني ناشئ يبدع أفضل تطبيق لتشغيل الموسيقى ستتمكّنون من تحميله خلال هذا العام
إن كنت قد تعبت من الانتظار على أمل أن يتحقّق حلمك بتوفير تطبيق مشغّل إذاعي مجّاني عبر الإنترنت وبأداء جيّد وسلس في الشرق الأوسط، فلا داعي للانتظار بعد الآن. نعترف بالفضل للطالب روني فاضل، ٢١ عاما، من بيروت، لإطلاقه تويست راديو (Twist Radio) قبل عدّة أسابيع، مع إمكانية تحميل ملفّات الموسيقى بسلاسة على جهازك الـ آيفون دون مقابل، بغض النظر في أيّ بلدٍ أنت في المنطقة.
تطبيق تويست راديو مدعوم بمنصّة تبادل وتوزيع الملفّات الصوتيّة "ساوند كلاود" (SoundCloud)، ومنصّة التعرّف على الموسيقى والأغاني "لاست إف إم" (Last.fm)، لتسهيل استخدام التطبيق الذي يعمل على بث الموسيقى بسلاسة وجودة عالية، حتّى في لبنان. ما يميّز التطبيق بشكل خاص هو أنّه لا يبحث فقط في التسجيلات التي يتمّ بثّها، وإنّما أيضا في المحتوى المقدّم من المستخدمين على ساوند كلاود، ويشمل التسجيلات والريميكسات النادرة. ويسمح التطبيق أيضا للمستخدمين الذين يفضّلون أغاني معيّنة، بحفظ قائمة خاصّة بهم والمشاركة بها وتبادلها مع مستخدمين آخرين.
يتميّز التطبيق بأنّه يُعَدّ وسيلة جيّدة للوصول إلى الموسيقى التي ربّما لا تستمع إليها بشكل اعتيادي. عند اختبار التطبيق في بيروت، وجدت الصوت يتدفّق بشكل انسيابي لا تشوبه شائبة على خدمة الجيل الثالث من شركة ألفا (Alfa 3G) باستخدام جهاز آيفون 4. كان بإمكاني الاستماع إلى تسجيلات "جيد" في " امبيمبيليلاح - مشروع ليلى"، وقد استخدمته كما لو كنت أستخدم جهاز الـ آيبود خاصّتي.
ويتميّز تويست راديو أيضا بمدى سرعة تطوير فاضل للتطبيق. أكمل فاضل النموذج الأوّلي من التطبيق في حوالي ٢-٣ أشهر، بينما كان طالبا يدرس هندسة الحاسوب في جامعة سانت جوزيف في بيروت. لاحقا، أتمّ فاضل إنجاز التطبيق وهو يقضي فترة تدريب صيفيّة في "ديرماندر" (Dermandar)، وهو تطبيق آيفون يعمل على التقاط وإنشاء صور بانوراميّة بطريقة سريعة وسهلة. قام فضل بنشر النسخة الأوّليّة من تويست راديو في ٢٦ أغسطس/آب، وقدّمه بشكل مجّاني في متجر آبل على الإنترنت في ١٠ أكتوبر/تشرين الأول. ومنذ ذلك الحين، تمّ تحميل ١٧ ألف ملفّا، ووصل عدد المستمعين إلى ١٥ ألف مستخدم دائم كل شهر، والذين استمعوا إلى أكثر من ١٠٠ ألف دقيقة من الموسيقى حتّى الآن.
يشير فاضل إلى أنّ حوالي ١٠٠٠ مستمع فقط من هؤلاء المستخدمين هم من العالم العربي، أغلبهم من الكويت والمملكة العربيّة السعوديّة. بقيّة المستخدمين هم من الولايات المتّحدة، والذين يتعطّشون للحصول على العديد من التطبيقات السلسة، بالإضافة إلى المستخدمين من الصين وروسيا، حيث البدائل أمامهم قليلة. العدد القليل للمستخدمين العرب قد يعود إلى قلّة استخدام الهواتف الذكيّة في العالم العربي، مقارنة بالصين، والولايات المتّحدة، وروسيا، والتي تعتبر أكبر ثلاثة أسواق للهواتف الذكيّة في العالم. رغم ذلك، يعتبر تويست راديو تطبيقا واعدا بالوصول إلى العالميّة.
بالرغم من أنّ فاضل لم يضع أمامه قائمة من القواعد والأحكام عند البدء في تطوير تطبيق تويست راديو، إلاّ أنّ الدروس المستفادة من تجربته ربّما تعطي الدافع للآخرين ممّن يحلمون بتطوير تطبيق آيفون خلال أوقات فراغهم، للتقدّم في أفكاره وإنجازها. إنجاز فاضل يعطي شعورا بأنّ المهمّة سهلة جدا! وفيما يلي الدروس المستفادة من النهج الذي اتبعه فاضل:
١- الاستفادة من دعم الزملاء والمعلّمين
بعد أن تطرأ لفاضل الفكرة، فيما يدعوه بـ "لحظة يوريكا"، يتكتّم عليها إلى حين تطويرها لينافس بها عبر صياغتها وتشغيلها على أجهزة الـ آيفون والـ آيباد. بعد دراسة صياغة الرموز التشفيريّة لمدّة ثلاث سنوات في الجامعة، يقول فاضل، "إنّ دراسة صياغة الرموز التشفيريّة للـ آيفون والـ آيباد بالتأكيد ساعدت على تطوير خبرتي في هذا المجال. لم يكن بالإمكان إنجاز العمل إن كانت خلفيّتي فقط في مجال الأعمال."
العمل في مشروع يتعلّق بالـ آيفون، أيضا ساعد فاضل كثيرا، حيث أنّ زملاءه في ديرماندار ساعدوه في عمليّة تصحيح التطبيق وتطوير الصيغة الشفريّة، كما يقول.
٢- استخدام الموارد المتاحة
من أجل التنافس مع منصّات بث قائمة مثل باندورا (Pandora)، وسبوتيفاي (Spotify)، لم يحاول فاضل البدء من الصفر وإنشاء قاعدة بيانات موسيقيّة ضخمة. بدلا من ذلك، دعم التطبيق باستخدام مزيج من لاست إف إم، وهي متجر للموسيقى يقدّم توصيات على أساس خيارات المستخدم، لقاء ما مقداره 4 دولارات في الشهر للخدمات خارج الولايات المتّحدة، والمملكة المتّحدة، وألمانيا، بالإضافة إلى ساوند كلاود، وهي خدمة موسيقى تسمح للمستخدمين بتسجيل وتبادل الأصوات الخاصّة بهم. اشترى فاضل ترخيصاً لاستخدام خدمة لاست إف إم، والاستفادة من قاعدة بياناتهم وفهرسة الفنّانين والأعمال الفنيّة، مع استخدام خدمة ساوند كلاود المجّانيّة لدمج بيانات الأغاني، والبيانات التي يقدّمها المستخدمون والأعمال الفنيّة ذات المجهود الفردي.
٣- تنظيم الوقت وتسريع العمل بدءا ببناء قاعدة معرفيّة
بدأ فاضل بإنشاء التطبيق في إبريل/نيسان. وقدّر بأن العمل على إنشاء التطبيق استغرقه 2-3 أشهر من التعلّم على كيفيّة صياغة الرموز التشفيريّة لتشغيلها على نظام التشغيل (iOS)، وبعدها احتاج إلى أسبوعين فقط، مع العمل من الساعة السابعة صباحا حتّى الساعة الواحدة منتصف الليل يوميّا من أجل تطوير التطبيق الأساسي خلال الصيف. وبعدها أنجز آخر ٢٠% من التطبيق خلال الشهرين الأخيرين من الصيف، بمساعدة شخصين آخرين، أحدهما مصمّم والآخر مطوّر، للعمل على تصميم الواجهة والتغيير في نتائج البحث، في الوقت الذي قام هو فيه بإتمام الإجراءات النهائيّة للحصول على ترخيص آبل، قبل إطلاق النسخة الأوّليّة من التطبيق في ٢٦أغسطس/آب، وإتمام النسخة النهائيّة قبل ١٠ أكتوبر/تشرين الأول.
٤- التكاليف البسيطة
بشكل عام، يقول فاضل بأنّ تطوير التطبيق كلّفه حوالي ٥٠٠ دولارا. ترخيص مطوّر آبل كلّفه ٩٩ دولارا، بينما ترخيص استخدام لاست إف إم وساوند كلاود مجّاني. استعان فاضل بمصمّم لتصميم الواجهة بـ ٢٠٠ دولارا، وتصميم رموز التطبيق بـ ٥٠ دولارا. واستعان فاضل أيضا بمطوّر لتصحيح صياغة الرموز التشفيريّة والتركيز على الوظائف الهامشيّة بـ ١٥٠ دولارا، مما ساعد فاضل على إتمام جوهر الصيغة الشفريّة.
٥- أضرب أسعار منافسيك
طوّر فاضل تويست راديو على أساس فكرة تقديم الخدمات المجّانيّة التي تقدّمها باندورا وسبوتيفاي للشرق الأوسط مقابل رسوم معيّنة. باندورا تتقاضى رسوم سنويّة تقدّر بـ ٣٦ دولارا، وسبوتيفاي تتقاضى ٥ دولارات في الشهر، بينما تويست راديو حتّى الآن تقدّم خدماتها مجّانا.
٦- ملاءمة المنصّة للإمكانيّات المحليّة
لإدارة مشغّل الموسيقى من أجل التطبيق، طوّر فاضل محرّك بث أغاني يتّصل بشبكة الإنترنت اللبنانيّة، التي تشتهر كواحدة من أبطأ شبكات الإنترنت في العالم. ولعمل ذلك، كان يتوجّب عليه إعادة صياغة الرموز التشفيريّة مرّتين، لكنّه أظهر مثابرة عالية حتّى تحقّق له ذلك.
٧- استهداف سوقك بالشكل المناسب
بشكل عام، يقول فاضل من السهل التعامل مع مخزن التطبيق والنجاح في حال قمت بتطوير وإطلاق تطبيق جيّد. إلاّ أنّ إمكانيّة إيجاد السوق الصحيحة لذلك التطبيق، فهي عنصر تحدّي آخر.
في الوقت الذي سعى فيه فاضل إلى تطوير "أوّل تطبيق بث إذاعي عبر الإنترنت في الشرق الأوسط،" وجد فاضل نفسه عالقا بين مجموعتين من آراء المستخدمين. يقول فاضل، "تلقّيت تعليقات من الولايات المتّحدة بأنّه كان يتوجّب علي أن أضع على التطبيق أغنيات شرق أوسطيّة. تحديدا، اتّصل بي شخص من مدوّنة آبل المملوكة لشركة أميريكان أون لاين (AOL)، وقال بأنّ المستخدمين من سوق الولايات المتّحدة يرغبون بمشاهدة الأغاني "الغريبة" على التطبيق، وهذا من شأنه أن يميّز تطبيقي عن الخدمات الأخرى في الولايات المتّحدة."
لكن في الشرق الأوسط، بينما يرغب المستخدمون في الاستماع إلى الموسيقى المحليّة، إلاّ أنّ فاضل لا يشعر بالحاجة إلى أن ينحصر التطبيق في نوع خاص من الموسيقى، أو ما يمكن أن يبدو بأنّه يتمحور فقط على العالم العربي.
يعتبر فاضل أنّ التطبيق قد حقّق له بعض الشهرة، والدليل على ذلك وصوله إلى الولايات المتّحدة. ولا نزال بحاجة إلى الانتظار قليلا لنرى إن كان التطبيق سيلقى سوقا في العالم العربي أم لا. إلاّ أنّ بإمكان تويست راديو أن يلعب دورا رئيسيّا في تقديم بث إذاعي قابل للحياة إلى المستمعين في المنطقة، بفضل محرّكه المتخصّص والمصمّم لبث الأغاني حتّى عبر أصعب أسواق الإنترنت مثل لبنان، وإمكانية العمل مستقبلا على تشغيل الأغاني دون الحاجة إلى شبكة الإنترنت (أوف لاين).